علي الدوسري ش/7 فيزيائي مبدع
المساهمات : 72 تاريخ التسجيل : 14/04/2012
| موضوع: مفهوم الطاقة عموماً و الطاقة النووية خصوصاً الإثنين مايو 21, 2012 2:17 am | |
| مفهوم الطاقة عموماً و الطاقة النووية خصوصاً
تعتبر الطاقة من أهم العوامل في تقدم البشرية ورقيها على مر العصور , وقد سعى الإنسان منذ فجر التاريخ إلى تملك الطاقة بصورها وأشكالها المختلفة والبحث الدؤوب عن مصادر جديدة لها .
تعريف الطاقة :
يرتبط مفهوم الطاقة بشكل عام بالمادة فحيثما وجدت المادة رافقها وجود الطاقة , فالمادة والطاقة وجهان لعملة واحدة تفسر حالة الوجود في هذا الكون العظيم.
إلا أنه من الناحية الكمية فيمكن تعريف الطاقة ً بأنها المقدرة التي تُستهلك و تؤدي إلى إحداث تغيير في جملة مادية ما من حالة أولى تختلف بمعيار أو عدة معايير عن الحالة النهائية لهذه الجملة يقابله نقص في الطاقة يساوي مقدار التغيير الحاصل في هذه الجملة. مثال ذلك إن أي عمل مادي كرفع ثقل إلى إرتفاع معين أو تحريك جسم من مكان إلى آخر( مثل تسيير سيارة أو قطار ) أو تشغيل جهاز كهربائي أو ميكانيكي أو تمدد الرئة في عملية التنفس أو انقباض القلب ........ إلخ يستلزم استهلاك طاقة .
وللطاقة أنواع مختلفة منها الطاقة الكهربائية والطاقة الميكانيكية والطاقة الحرارية وغيرها ومن الممكن تحويل أي نوع من هـــذه الأنواع من الـــــطاقة إلى نوع آخر بوسائل مختلفة , مثل تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية عن طريق العنفات ( التوربينات ) أو تحويل الطاقة الحرارية الناتجة عن حرق الوقود إلى طاقة حركية كما يحدث في الســــــيارات أو في القطارات أو الطائرات , وهنا لابد من الإشارة إلى بعض مصادر الطاقة الطبيعية الأخرى إلى جانب الطاقة النووية , كالطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الناشئة عن حركة المد والجزر والأمواج وطاقة الرياح والطاقة البيولوجية .
والــطاقة ليست شيئاً مادياً بذاتها يمكن أن نتحسسها , ولكن نتعرف عليها من خلال أثرها في الأجســــــام المطبقة عليها مثل إضاءة مصباح أو غليان السوائل أو انصهار الأجسام الصلبة أو حركة عربة ....إلخ .
و تبقى الطاقة كامنة طالما لم يتوفر لها أســـباب ( تحررها ) , وهذه الأســـباب يمكن تحديدها بتوفر الأجسام أو المواد الحاوية على الطاقة ونواقل هذه الطاقة ( الوسط ) ومكان التأثير, ونطلق على الـــــطاقة التي تكون كامنة في أي جملة مادية اســـــم القدرة وهي قابلية أي شيء لإنتاج الطاقة مثال ذلك المدخرة ( البطارية ) وخزانات الوقود وما إلى ذلك.
ومع سعي الإنســــــــــــان للسيطرة على الطاقة ومنابعها من أجل تنفيذ أغراضه وتحقيق متطلباته ابتداءاً من القوة العضلية إلى استخدامه للحيوانات ككائنات تتمتع بطاقة أكبرمن اجل نقله وحمله وأمتعته الثقيلة وصولاً إلى اكتشــــافه النار واعتماده على الخشب كوقود لتسخين وطهي طعامه , إلى أن تعرف على الفحم الحجري في القرن السـابع عشر والذي كان يعثر عليه في الطبقات الصخرية المكشوفة على سطح الأرض حيث اعتمدت الثورة الصناعية في ذلك القرن على الفحم الحجري كوقود طبيعي ومصدر هائل للطاقة , الأمر الذي مكنه من اســتخدام الآلة البخارية على نطاق واسع وبعد أن تمكن الإنسان من استخراج البترول في أواخر القرن التاســـــع عشر , وضع يده على مصدر آخر للوقود أيسر من الفحم الحجري سواء في استخراجه أو نقله أو تخزينه أو استخدامه .
وتقدمت الدنيا بسرعة فائقة في القرن العشرين اعتماداً على هذا الوقود لتوليد الطاقة التي هي المحرك الرئيســـــي للتقدم والنمو حتى أصبحت كمية الطاقة المستخدمة في أي دولة هي المؤشر على نموها وتقدمها .
إلا أنه مع ظهور بوادر إمكانية نفاذ هذا المخزون من البترول في العالم , والذي يعتقد أنه سيكون في أوائـــــل هذا القرن ظهر ما يعرف بأزمة الطاقة العالمية ( ENERGY CRISIS ) سنة 1973 والتي أجبرت شـعوب الدول الصناعية على ترشيد استهلاك الطاقة والبحث عن مصدر بديل لســـــــد الفجوة الموجودة بين الإعتماد على الوقود التقليدي وبين التوصل إلى استخدام الطاقة الشمسية .
إلا أن تحقيق هذا الهدف ربما يســــتغرق عدة قرون , فلا بد إذا من البحث عن مصدر بديل للـــــطاقة , وقد اعتبر الكثيرون أن الذرة هي البديل الجدي والوحيد للنفط , وبدت الطاقة النووية في هذه الدول وكأنها مرادف للإســـتقلال الوطني في ميدان الطاقة , وبكلمة أخرى أصبحت الذرة في نظر الدول الصناعية الوسـيلة الفضلى لتخفيف تبعيتها للدول المصدرة للبترول , وفي طليعتها الدول العربية .
وقلما نال موضوع علمي أهمية عسكرية وإقتصادية وســـــــياسية كما ناله موضوع الطــــــــاقة النـــــــــــــــووية فما هو سر الطاقة النووية , هذا العملاق الجبار الذي ينطلق أســـــاسـاً من أصغر وحدة بنائية في هذا الكون والتي تدعى الذرة .
ـ الطاقة النووية ( Nuclear Energy ) :
من الميزات الأساسية للوقود النووي احتواؤه على قدر من الطاقة يعادل ملايين المرات الطاقة المتولدة والناتجة من حرق نفس الكمية والوزن من الوقود التقليدي , حيث أن حرق كيلو غرام واحد من اليورانيوم 235 مثلاً يولد طاقة تعادل الطاقة المتولدة من حرق 1600 طن من البترول أو 2400 طن من الفحم الحجري .
وعلى اعتبار أن معظم طاقة الذرات تتواجد في أنويتها , لذلك من الأصح أن نسمي هذه الطاقة بالطاقة النووية وليس بالطاقة الذرية , ولما أصبح معروفاً أن نواة الذرة تتضمن طاقة هائلة لذا نالت هذه الحقيقة اهتمام معظم علماء العالم .
ـ التفاعل النووي ( Nuclear Reaction ) :
في التفاعلات النووية تهمل الإلكترونات الخارجية تماماً , حيث أنها لاتقوم بأي دور في هذه التفاعلات وقد بينت ظاهرة النشاط الإشعاعي والتي سنتحدث عنها في مشاركات لاحقة أن هناك تفاعلات نووية طبيعية تحدث من تلقاء نفسها , وقد شجع ذلك الكثير من علماء الفيزياء و الكيمياء النووية على محاولة إجراء مثل هذه التفاعلات معملياً .
والتفاعلات النووية هي التفاعلات التي تحدث لنواة الذرة وتؤدي إلى تغيرات فيها ( إما نقصان أو زيادة عدد البروتونات والنيترونات ) وبالتالي تشكيل نوى عناصر أخرى جديدة , وتقوم بها الجسيمات النووية النوكليونات وهي طبعاُ ( البروتونات والنيترونات ) ولذلك أعطيت الصفة النووية .
مثال ذلك اليورانيوم U ورقمة الذري 92 يتحول إلى الثوريوم Th ذي الرقم الذري 90.
طارد للحرارة ( U92 ---------------> Th90 + Energy + (? Rays
والتفاعلات النووية هي أيضاً إما تفاعلات طاردة للحرارة أو تفاعلات ماصة للحرارة مثل التفاعلات الكيميائية تماماً ولكنها تختلف عنها جذرياً في أنها لا تخضع لقانون أو مبدأ انحفاظ المادة والطاقة , ففيها يمكن تحويل الطاقة إلى مادة أو المادة إلى طاقة .
إن السؤال المطروح سابقاً وهو العلاقة بين الطاقة وكتلة أي مادة تم حله مبدئياًَ بعد أن وضح العالم ألبرت اينشتاين النظرية النسبية , حيث أثبت بأن المادة يمكن أن تكون منبعاً للطاقة . ووضع العلاقة التي تربط بين الطاقة والمادة وهي : 2 ( * ) E = m . C
وتنص على أن ( المادة والطاقة هما صورتان لنفس الشيء وأن كمية الطاقة ( E ) مقدرة ( بالجول ) المقابلة لأي كمية من المادة تساوي كتلة هذه المادة ( m ) مقدرة بالكيلو غرام مضروبة في مربع سرعة الضوء مقدرة بالمتر في الثانية والتي تبلغ : 300000 كم / ثا
أي أن C مربع = 9 × 10 أس 16 م / ثا ، وهذا رقم كبير جداً ، فلو عوضنا الكتلة m = 1 Kg لكانت الطاقة المتحررة من هذه الكتلة هي : 9 أس 16 × 1 = 9 أس 16 جول = 0,23885 × 9أس16 حريرة وهي تساوي ما مقداره ( 25 مليون كيلو واط ساعي ) ( أو 25 ميغا واط ساعي ) مع العلم بأن كل 10 ميغاوات ساعي = تكفي حاجة 5000 بيت . ونصل إلى نتيجة مفادها : أن التفاعل النووي الواحد يخرج لنا من الطاقة ما يعادل آلاف ملايين المرات الطاقة التي يخرجها لنا أي تفاعل كيميائي .
ويحدد الجوهر الفيزيائي للعلاقة السابقة ( * ) بالتعبير التالي :
لا يوجد في الطبيعة حركة غير مادية , وكذلك من غير الممكن أن تكون المادة ساكنة بدون حركة , ولا يمكن فصل المادة عن الحركة بأي شكل من الأشكال , وإن أي امتصاص أو إصدار للطاقة من جسم ما بمقدار ΔE يكون على حســـاب زيادة أو نقصان في كتلة الجسـم بمقدار Δm أيضاً ويدعى بنقص المادة أو ( نقص الكتلة ) .
أي : 2 ΔE = Δm x C وتدعى الطاقة التي من الضروري صرفها لتحطيم النواة وتحويلها إلى نيكليونات حرة ( بدون نشر طاقة حركية ) بـ طاقة الروابط النووية , وهي تصرف لاستمرارية العمل ضد القوى النووية . وكلما كانت قوى الترابط المتبادلة بين النيكلونات مع بعضها البعض كبيرة , كلما كان العمل المصروف لتحطيم النواة كبيراً.
ويلاحظ في العملية المعاكسة ( عملية تشكيل نواة من نيكليونات حرة ) حيث تقوم القوى النووية بالعمل مع إطلاق طاقة في عملية تشكيل النواة , وتعادل هذه الطاقة ملايين المرات من الطاقة المنطلقة من تشكيل الجزيئات من الذرات أو الذرات من النواة والإلكترونات . ويسمى الفرق بين مجموع كتل النيكلونات الحرة وكتلة النواة بنقص كتلة النواة الذرية.
وترتبط كمية الطاقة المتحررة ΔE ( والتي تقاس بالميغا إلكترون فولت ) بنقص الكتلة بالعلاقة التالية :
ΔE = Δm × 931
حيث Δm نقص الكتلة وتقدر بواحدة الكتل الذرية ( a.e.m ) وتساوي 12/1 من كتلة نواة نظير الكربون 12 وتعادل : 1,66 × 10 أس - 27 = Δm
931 = المكافئ الطاقي لواحدة الكتل الذرية ( a.e.m ) ويقاس بالميغا إلكترون فولت .
ومن الواضح أن طاقة روابط النواة Enb تساوي ΔE المتعلقة بنقص كتلة النواة حسب العلاقة التي وردت معنا سابقاً
ومن هنا نستنتج مايلي : إن قوى الترابط النووي أو التماسك ليست هي نفسها في النويات المختلفة , وتعتبر النواة ذات أرقام النيوكليونات حوالي 60 أشد تماسكاًً وثباتاً , بينما تكون النويات الخفيفة ذات عدد النيوكليونات القليل وكذلك النويات الثقيلة ذات عدد النيوكليونات الكبير أقل تماسكاً وثباتاً .
إن نويات ذرات العناصر الكيميائية الموزعة في بداية أو نهاية الجدول الدوري للعناصر تمتلك طاقة تحطيم الروابط أقل وتساوي طاقة الروابط في عنصر الهيدروجين ( بروتون ) الصفر , وذلك لوجود بروتون وحيد في النواة .
إن نويات الذرات الموزعة في بداية ونهاية الجدول الدوري يجب أن تكون في احتمال محدد للتحول إلى حالة أكثر ثباتاً بطريقة تحرير قسم من الطاقة الكامنة إما بطريقة إنشطار النوى الثقيلة إلى نويات أكثر خفة , أو باتحاد النوى الخفيفة لتشكل نوى أكثر وزناً , وتستخدم طريقتي التحرر من الطاقة النووية الداخلية في المفاعلات النووية أو في الأسلحة النووية , وتدعى عملية تغيير بنية النواة بالتفاعلات النووية .
وحسب نتائج القانون الثاني في الترموديناميك والذي يقول ( إن كل منظومة تتجه إلى وضع أكثر ثباتاً عندما تكون الطاقة الكامنة الداخلية لها في الشروط المعطاة أصغرية ) , ومنها يمكن القول أن نويات القسم الأوسط من الجدول الدوري تكون أكثر ثباتاً , وعليه يطابق نقص الكتلة الأعظمي الاحتياط العام الأصغري من الطاقة الداخلية .
ويمكن التعبير عن الجسيمات ونويات الذرات في التفاعلات النووية المتبادلة بشكل رموز جبرية .
مثال : يتفاعل الجسيم المرمز له بـ a مع النواة X مشكلاً نواة متهيجة يرمز لها بـ C* ( حيث ترمز إشارة النجمة )إلى النواة التي تحتوي على طاقة داخلية زائدة لتحريك النيوكليونات , وتسمى طاقة التهيج ومن ثم تنقسم النواة المتهيجة مشكلة جسيم b ونواة جديدة Y , ويرمز عادة لتفاعلات النواة بتأثير النيوترونات بالرمز ( n , f ) = أي العامل النيوتروني Neutron Factore
a + X --------------> *C
C* --------------> Y + b + 200 Mev
ويعبر عن نتيجة التفاعل بالشكل التالي :
a + X --------------> Y + b وهذا يعني أن الجسيم a يدخل في التفاعل والجسيم b عبارة عن ناتج التفاعل وتحت إشارة a يمكن أن يكون نيوترون n أو جسيم ألفا ? أو بروتون p .........إلخ .
ملاحظة : أستميح القارئ العزيز عذراً بسبب بعض الأخطاء في تنضيد النص وخاصة رمز التربيع في المعادلات الواردة ! | |
|