القوة
تعرف القوة في علم الفيزياء بأنها تأثير يدفع أو يجذب المادة فيؤدي إلى توليد حركة. وترتبط القوة ارتباطا وثيقا بكل العمليات الطبيعية وهي تتراوح من حيث حجمها بين القوى القليلة من القوى الذرية الصغيرة وقوى الجاذبية الضخمة الموجودة في الكواكب والنجوم.
والقوة كمية موجهة بمعنى أن لها حجما واتجاها معينا. وإذا تغير أحد المكونين، فسوف تكون القوة عرضة للتغير. وهناك فرع خاص في علم الرياضيات يسهل تحليل المشاكل المتعلقة بالقوة ويعرف هذا باسم التحليل الموجه حيث يمكن من خلاله صياغة القوى وتفاعلاتها في شكل مصطلحات رياضية.
وفي القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي استطاع ابن سينا أن يقسم القوى إلى أنواع ثلاثة، فيقول في كتابه النجاة : "... وهذه القوى التي غروت في الأجسام على أقسام ثلاثة: فمنها قوى سارية في الأجسام تحفظ عليها كمالاتها من أشكالها ومواضعها الطبيعية وأفاعيلها، وإذا زالت عن مواضعها الطبيعية وأشكالها وأحوالها أعادتها إليها وثبتتها عليها، مانعة من الحالة غير الملائمة إياها بلا معرفة وروية وقصد اختياري بل تسخير، وهذه القوى تسمى طبيعية... والنوع الثاني قوى تفعل في الأجسام أفعالها من تحريك أو تسكين، وحفظ نوع وغيرها في الأجسام أفعالها من الكمالات بتوسط آلات ووجوه مختلفة... ومن النوع الثالث قوى تفعل مثل هذا الفعل لا بآلات، ولا بأنحاء متفرقة، بل بإرادة متجهة إلى سنة واحدة، وتسمى نفسا فلكية".
ويميز ابن سينا بين القوة الطبيعية التي تعيد الأجسام إلى مواضعها الطبيعية إن هي أبعدت عنها، ويعني بها قوة الجاذبية الأرضية، أو قوة التثاقل، ويميز بين القوة القسرية أو القوة القاهرة التي تجبر الجسم على التحرك أو على السكون، وهي القوة التي يجري تسليطها على الجسم لتغير من حاله من حيث الحركة والسكون. أما النوع الثالث فإن ابن سينا يرى أنها كامنة في الفلك العلوي وهي التي تحركه بإرادة متجهة حسب قوله.
ومن الأهمية بمكان التمييز بين الكتلة أو الحجم -وهي من سمات المادة الرئيسية- والقوة التي تتعرض لها هذه الكتلة في حقل جاذبية. وبالتحديد، فإن وزن الشخص لا يساوي كتلته، حيث إن هذا الوزن مجرد القوة التي تمارسها الك ثافة على الكتلة.
ولقد أشار ابن سينا إلى علاقة قوة التثاقل وحجم الجسم فيذكر في كتابه الإشارات والتنبيهات: "القوة في الجسم الأكبر، إذا كانت مشابهة للقوة في الجسم الأصغر، حتى لو فصل من الأكبر مثل الأصغر، تشابهت القوتان بالإطلاق، فإنها في الجسم الأكبر أقوى وأكثر، إذ فيها من القوة شبيه تلك وزيادة".
وتعتبر دراسة التفاعلات بين القوة والكائنات والحركة من أقدم فروع علم الفيزياء والمعروف باسم الميكانيكا. وتشمل الميكانيكا نظم القوى عند توازنها وقوانين الحركة الرياضية والعلاقة بين القوة والحركة.
وقد تولى السير إسحاق نيوتن منذ ثلاثة قرون مضت توصيف تأثير القوة على المادة فيما يعرف اليوم باسم قوانين نيوتن للحركة. وباستخدام هذه القوانين الطبيعية، ثبت أن العجلة تنتج من جراء قوة غير متوازنة وأن كلا من القوة والكتلة والعجلة مترابطة فيما بينها، وأن كل القوى في الطبيعة تقع في أزواج متقابلة. كما وضع نيوتن أيضا قانون الجاذبية العام الذي يربط بين الجاذبية الأرضية لجسمين وكتلتيهما والمسافة التي تفصل بينهما. كما توجد قوانين طبيعية أخرى خاصة بمجالات معينة من الفيزياء تربط المعاملات المختلفة المسئولة عن القوى الكهربائية والمغناطيسية وقوى الاحتكاك والقوى الديناميكية الهوائية وقوى أخرى.
منقول